uni-tiaret
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

uni-tiaret

منتدي خاص بطلبة جامعة ابن خلدون تيارت
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قضية الاحتجاج للنحو واللغة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خالد
زائر
زائر
خالد


عدد الرسائل : 15
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

قضية الاحتجاج للنحو واللغة Empty
مُساهمةموضوع: قضية الاحتجاج للنحو واللغة   قضية الاحتجاج للنحو واللغة Empty2009-05-02, 16:55

في قضية الاحتجاج:
تعد قضية الاحتجاج واحدة من المسائل المهمة في الدراسة اللغوية العربية قديمًا وحديثا. فقد استقر في الأذهان أن العلماء العرب قعّدوا للغتهم خوفًا عليها من الفساد الذي أصابها بسبب دخول غير العرب الإسلام. إذ نتج عن خطأ هؤلاء في استعمالها ما يشبه الانهيار الكامل للنظام اللغوي العربي. وعمد العلماء العرب القدماء ـ كما يقال ـ إلى استخراج قواعد اللغة في الأصوات والصرف والنحو والمعجم والدلالة من مادة لغوية حرصوا على أخذها من مصادر لم يصبها هذا الفساد. ومبالغة في الحرص على تحصين اللغة من كل فساد أوقفوا الاستشهاد بالكلام العربي الذي جاء بعد فترة رأوا أنها حد فاصل بين الفصاحة العربية والفساد الذي جاء به المولََّدون. ويبدو أن كثيرًا من المعالجات لهذه القضية في القديم والحديث أخذت هذه الأفكار كأنها مسلمات.
وسأحاول هنا أن أعرض لهذه القضية وأبيّن أن هذه الأفكار مما يمكن التشكيك فيه، فهي ليست حقائق. وسأتناول بالتفصيل هذه الأفكار مبينًا أن كثيرًا منها لا يعدو أن يكون انطباعات نجد مثيلاً لها في الحضارات الأخرى التي دُرست فيها هذه القضية. كما أن فيما أورده العلماء العرب القدماء أدلة كافية تجعل من المواقف التقليدية من هذه القضية جزءًا واحدًا مما كان سائدًا من مواقف. بل نجد أن في التراث اللغوي والنحوي مقولات كثيرة تناقض تلك المواقف السائدة.
كما تُبيِّن المصادر النحوية واللغوية العربية نفسها عدمَ دقة المواقف السائدة في قضية الاستشهاد، إذ نجد أن هذه المصادر لم تتعامل مع هذه القضية بالطريقة التي توحي بها هذه المقولات، وكانت وظيفة الشواهد في هذه المصادر تختلف اختلافًا كبيرًا عن الوظيفة التي يُظن أنها جاءت من أجلها.
ويشتمل البحث على إيراد المواقف التقليدية بشأن هذه القضية ثم عرضها في ضوء المصادر الأساسية. ويعالج من بعد ذلك الظروف الاجتماعية والعلمية التي نشأت فيها هذه المقولات. وللتدليل على عدم دقة تلك المقولات التقليدية سيقارن بينها وبين المواقف الشبيهة في اللغات الأخرى وهي التي بحثت من قبلوبُيِّن أنها ليست صحيحة ويُختتم بفحص كتاب سيبويه لكي نرى وظيفة الشواهد فيه.

نص الفارابي:
من النصوص التي سيطرت على الفكر اللغوي العربي في القديم والحديث ما أورده أبو نصر الفارابي في كتابه الألفاظ والحروف واصفًا فيه منهج العلماء العرب الأوائل في تقعيد اللغة. وقبل إيراد النص ينبغي أن ننظر في السياق الذي ورد فيه.
مهّد الفارابي لهذا النص بوضع نظرية يفسر فيها حدوث الخطأ في اللغة يقول:
"وقد يجب لذلك أن يعلم من الذين ينبغي أن يؤخذ عنهم لسان تلك الأمة. فنقول إنه ينبغي أن يؤخذ عن الذين تمكنت عاداتهم لهم علىطول الزمان في ألسنتهم وأنفسهم تمكنًا يحصنون به عن تخيل حروف سوى حروفهم والنطق بها، وعن تحصيل ألفاظ سوى المركبة عن حروفهم وعن النطق بها ممن لم يسمع غير لسانهم ولغتهم أو ممن سمعها وجفا ذهنه عن تخيلها ولسانه عن النطق بها. وأما من كان لسانه مطاوعًا على النطق بأي حرف شاء مما هو خارج عن حروفهم وبأي لفظ شاء من الألفاظ المركبة عن حروف غير حروفهم وبأي قول شاء من الأقاويل المركبة من ألفاظ سوى ألفاظهم فإنه لا يؤمن أن يجري على لسانه ما هو خارج عن عاداتهم الممكنة الأولى فيعود ما قد جرى على لسانه فتصير عبارته خارجة عن عبارة الأمة ويكون خطأ ولحنًا وغير فصيح. فإن كان مع ذلك قد خالط غيرهم من الأمم وسمع ألسنتهم أو نطق بها كان الخطأ منه أقرب وأحرى، ولم يؤمن بما يوجد في عادته أنه لغير تلك الأمة التي هو منهم. وكذلك الذين كانوا يحصنون عن النطق وعن تحصيل حروف سائر الأمم وألفاظهم ـ إذ كانوا يحصنون عما لم يكن عودوه أولاً من مخالفة أشكال ألفاظهم وإعرابها ـ إذا كثرت مخالطتهم لسائر الأمم وسماعهم بحروفهم وألفاظهم، لم يؤمن عليه أن تتغير عادته الأولى ويتمكن فيه ما يسمعه منهم فيصير بحيث لا يوثق بما يسمع منه(1).
ويستمر الفارابي في تحديد هذاالإطار النظري قائلا:
"ولما كان سكان البرية في بيوت الشعر أو الصوف أو الخيام والأحسية [الأخبية] من كل أمة أجفى وأبعد من أن يتركوا ما قد تمكن بالعادة فيهم وأحرى أن يحصنوا نفوسهم عن تخيل حروف سائر الأمم وألفاظهم وألسنتهم عن النطق بها وأحرى ألا يخالطهم غيرهم من الأمم للتوحش والجفاء الذي فيهم، وكان سكان المدن والقرى وبيوت المدر منهم أطبع وكانت نفوسهم أشد انقياداً لتفهم ما لم يتعودوه ولتصوره وتخيله وألسنتهم للنطق بما لم يتعودوه، كان الأفضل أن تؤخذ لغات الأمة عن سكان البراري منهم متى كانت الأمم فيهم هاتان الطائفتان. ويتحرى منهم من كان في أوسط بلادهم فإن من كان في الأطراف منهم أحرى أن يخالطوا مجاوريهم من الأمم فتختلط لغاتهم بلغات أولئك، وأن يتخيلوا عجمة من يجاورهم. فإنهم إذا عاملوهم احتاج أولئك أن يتكلموا بلغة غريبة عن ألسنتهم، فلا يطاوعهم على كثير من حروف هؤلاء، فيلتجؤوا إلى أن يعبروا بما يتأتى لهم ويتركوا ما يعسر عليهم. فتكون ألفاظهم عسيرة قبيحة وتوجد فيها لكنة وعجمة مأخوذة من لغات أولئك. فإذا كثر سماع هؤلاء ممن جاورهم من هذه الأمم للخطأ وتعودوا أن يفهموه على أنه من الصواب لم يؤمن تغير عادتهم، فلذلك ليس ينبغي أن تؤخذ عنهم اللغة ومن لم يكن فيهم سكان البراري أخذت عن أوسطهم سكنا"(2).
ومن هذا يتبين أن الفارابي يرى أن المصدر الوحيد للخطأ في اللغة هو التأثير الخارجي.
وبعد أن ينتهي الفارابي من هذا التأطير النظري الذي يحدد من يمكن أن تؤخذ عنه اللغة يبرهن عليه بما يرى أن العلماء العرب الأوائل قاموا به عند تدوينهم اللغة العربية وتقعيدها، فيقول:
"وأنت تتبين ذلك متى تأملت أمر العرب في هذه الأشياء. فإن فيهم سكان البراري وفيهم سكان الأمصار. وأكثر ما تشاغلوا بذلك من سنة تسعين إلى مائتين. وكان الذي تولى ذلك منهم من بين الأمصار أهل الكوفة والبصرة من أرض العراق. فتعلموا لغتهم والفصيح منها من سكان البراري منهم دون الحضر، ثم من سكان البراري من كان في أواسط بلادهم ومن أشدهم توحشًا وجفاء وأبعدهم إذعانًا وانقيادا، وهم قيس وتميم وأسد وطيء ثم هذيل، فإن هؤلاء هم معظم من نقل عنه لسان العرب. والباقون فلم يؤخذ عنهم شيء لأنهم كانوا في أطراف بلادهم مخالطين لغيرهم من الأمم مطبوعين على سرعة انقياد ألسنتهم لألفاظ سائر الأمم المطيفة بهم من الحبشة والهند والفرس والسريانيين وأهل الشام وأهل مصر"(3).
ويمثل هذا الإطار النظري النظرة السائدة في الثقافة العربية.فهو يلخصها ويصوغها في شكل نظرية تفسر ما قام به العلماء العرب الأوائل وتُعَقلِن منهجَهم. وقد رسم هذا النص الصورة التي رسخت في أذهان الناس عن اللغة العربية نفسها التي سمعها العلماء الأقدمون، ولا سبيل إلى الكشف عن الصورة الأقرب إلى الحقيقة إلا بمناقشة هذه الصورة وعرضها على ما ورد في المصادر من الأخبار وعلى ما عمله العلماء العرب فعلاً ومقارنة ذلك بما نجده في الحضارات الأخرى.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قضية الاحتجاج للنحو واللغة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
uni-tiaret :: منتدي الأدب العربي-
انتقل الى: